الحراك الشعبي للتضامن مع غزة في العواصم الأوروبية.. رؤية من الداخل في سياق الحرب المشتعلة

0
39

الأوروبية | عيسى مسعود
في ظل التصعيد المستمر في غزة، تشهد العديد من دول الاتحاد الأوروبي موجات من الحراك الشعبي، حيث تتصدر المظاهرات المدن الكبرى مثل بروكسل، عاصمة االاتحاد الأوروبي، وباريس، وبرلين، ومدريد. تأتي هذه الاحتجاجات مع دعوات ملحة لدول الاتحاد للتدخل الفوري لوقف تصاعد العنف.يطالب المحتجون الاتحاد الأوروبي باتخاذ “موقف حاسم” ضد ما يعتبرونه “اعتداءات متواصلة وجرائم” من جانب إسرائيل في إطار الحرب ضد حركة حماس، التي بدأت في أكتوبر من العام الماضي. ويؤكد المتظاهرون على ضرورة “وقف الدعم العسكري” لإسرائيل وتطبيق “عقوبات دولية” بحقها، مشددين على مسؤولية الاتحاد في تحقيق العدالة والسلام.في هذا التقرير، نستعرض آراء بعض المواطنين الفلسطينيين في الخارج و الداخل الفلسطيني، حول فعالية حركات التضامن والدعم التي تنظمها الجماعات العربية والفلسطينية والأوروبية في أوروبا، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه هذه الحركات ومدى تأثيرها على التخفيف من حدة التصعيد في غزة من خلال اعتماد موقف تحليلي سياسي يستشرف المشهد السياسي الآني في ظل توسع الحرب بالمنطقة.يرى  مسؤول المكتب الإعلامي للجان المقاومة في فلسطين، الأستاذ، محمد البريم، أن “الدعم الإعلامي والجماهيري والمالي مهم جدًا وضرورة ملحة على كل العرب والمسلمين والأحرار في العالم، خاصة في أوروبا التي تشكل الداعم الأكبر للكيان والتي تساهم بتشكيل الرأي العالمي  وتحاول باستماتة تبني الرواية الصهيونية ” حسب رأيه، مشيرا إلى دور وسائل الإعلام الغربية في تشكيل الرأي العام، محذرًا من محاولات “خداع الجمهور الأوروبي”، مشددا  في هذا المضمارعلى أنه ” وصل الحد كما هو موجود وذكرته وسائل الاعلام البريطانية بتقديم المشورة للكيان الصهيوني وتقديم الأساليب والخبرة لهم لخداع الرأي العام في اوروبا وإقناعهم بعدم ارتكاب الصهاينة لجريمة الإبادة الجماعية” حسب رأيه.


رصد أكثر من 26 ألف مظاهرة وفعالية في 20 دولة أوروبية
وفي الثامن من أكتوبر الجاري، أعلن المركز الأوروبي الفلسطيني للإعلام (إيبال) عن رصد أكثر من 26 ألف مظاهرة وفعالية في 20 دولة أوروبية، بمناسبة مرور عام كامل على الحرب في غزة. ويعتقد مسؤولو المركز أن هذا الرقم يعكس “الزخم الشعبي المتزايد” في دعم القضية الفلسطينية، ويساهم في “نشر وعي أوروبي متزايد” تجاه هذه القضية.


قيود مفروضة على الحكومات الأوروبية؟
ويقول شاكر محمود أبو فودة، متظاهر و ناشط حقوقي منظم لمظاهرات بروكسل، فيرى أن الحراكاتً الداعمة لغزة هي بمثابة ” حراكات تحفيزية تساند الفلسطينيين في محنتهم وتحفزهم على الصبر والثبات و على نشر القضية و تحفيز الناس هنا على تكثيف الدعم النفسي والمعنوي والمادي مما يخفف من معاناة شعبنا” مضيفا ” يرى الفلسطينيون ان هناك قيودا مفروضة على الحكومات الأوروبية وهم يعون تماما بأنها حكومات يؤثر بها القرارات الامريكية مما يعني أنها حكومات تابعة وليست ذات سلطة كاملة لمقاطعة الاحتلال وتطبيق قرارات الامم المتحدة بما يخص القضية الفلسطينية” حسب قوله.أما  بخصوص احصاءات المظاهرات في بلجيكا فهي “مستمرة منذ بداية الحرب ونحن لم نتوقف ليوم واحد بل وحتى هناك ايام نشارك بمظاهرات في يوم واحد” يضيف شاكر محمود أبو فودة.

مصدر الصورة : البلجيكية

كيف ينظر الفلسطينيون إلى نجاعة المظاهرات الداعية إلى نصرة غزة في أوروبا ؟
ومع ذلك، يرى الأستاذ محمد البريم أن الحراك الداعم لنصرة غزة في أوروبا لا يعدو أن يكون “حملات موسمية” تفتقر إلى استراتيجيات واضحة المعالم. ويؤكد أن “العمل العربي والإسلامي في أوروبا هو عمل موسمي وانتقائي”، داعيًا إلى ضرورة وضع خطط مدروسة تهدف إلى تغييرات استراتيجية. و يقول في هذا الصدد: ” ” يتطلب “التحول من العمل العاطفي والشعبوي الى العمل المدروس عبر وضع الخطط والبرامج و إقامة المؤسسات والوسائل الإعلامية اللازمة للتأثير بشكل فعال على الرأي العام العالمي في اوروبا” حسب رأي مسؤول المكتب الإعلامي للجان المقاومة في فلسطين.


ما مدى تأثير الدعم الأوروبي على الرأي العام في غزة؟
يعتبر الدعم الأوروبي المقدم إلى غزة، سواء عبر الاحتجاجات أو المساعدات الإنسانية، ذا أهمية كبيرة في تخفيف الأعباء الإنسانية، حسب رأي محمد البريم، “أي فعل وحراك مهما كان بسيطًا له تأثير كبير، إذ يعزز قناعة الفلسطينيين بأن هناك “مساندين وداعمين واخوة لن يتركونا وهم بالفعل يقومون بكل ما يستطيعون من اجل مساندتنا والاصطفاف بجانبنا”.وفي سياق الضغوط على الحكومات الأوروبية، و إيجاد آليات تعزيز هذا الحراك لحملات التضامن الدولي والضغط على صناع القرار السياسي، يؤكد البريم وجود قيود كبيرة، مشيرًا إلى أن هناك “حربًا ضد كل من يحاول التضامن مع الشعب الفلسطيني ومقاومته ” موضحا ” نرى تعرض العديد من المتظاهرين وأصحاب الرأي والنشطاء للضرب والعنف واحيانا كثيرة للاعتقال، و هذا يشكل ملامح انعكاس واضح للقيود و تأجيج الحرب التي تشنها الأجهزة الأمنية في هذه الدول ضد كل ما من شأنه التصدي للسردية الصهيونية الكاذبة المبنية على الأباطيل والكذب والخداع” حسب رأيه.

سياسة الازدواجية والكيل بمكيالين؟
وفي هذا السياق و في ظل الحرب على غزة، هل يرى الفلسطينيون أن الدعم الأوروبي يرقى إلى مستوى الحاجة الملحة أم إنهم يشعرون بأن هناك نقصًا في الضغط الحقيقي على الحكومات الأوروبية لاتخاذ مواقف قوية ضد التصعيد، يشمل الأمر ضغوطًا سياسية تسهم في إنهاء النزاع  بغزة، بجانب تقديم المساعدات الإنسانية.يوضح مسؤول المكتب الإعلامي للجان المقاومة في فلسطين، محمد البريم في هذا المضمار “ما رينا في الانتخابات الفرنسية والبريطانية وماهو موجود بالفعل في بلجيكا واسبانيا وايرلندا يؤكد بلا شك أن الحراكات والفعاليات ان تواصلت ووجهت بطريقة مدروسة تترك اثرا كبيرا في قرارات الناخب  الأوروبي وهذا ما ينعكس بشكل إيجابي  لدى صانع القرار في اوربا” حسب تعبيره.مضيفا في السياق ذاته،  أنه ” لا بد حشد كافة الامكانيات البشرية والمادية والإعلامية واستغلال كافة العلاقات الاقتصادية والمالية بما يضمن تسليط الضوء على قوة ووجود الحضور العربي والإسلامي وحتى اي صوت مناهض للاجرام الصهيوني في اوربا واستغلاله لدعم القضية الفلسطينية وإظهار مظلومية الشعب الفلسطيني في مواجهة قوى الطغيان والإستكبار الصهيوأمريكي والنفاق الغربي وسياسة الازدواجية والكيل بمكيالين” حسب تعبيره.

التحديات التي تواجه المتظاهرين في شوارع بروكسل
من جانبه، أوضح شاكر محمود أبو فودة، بشأن التحديات التي تواجه المتظاهرين “واجهنا عدة تحديات ففي البداية في بعض الاحيان كنا نواجه عنفا غير مبرر من قبل الشرطة ثانيا عدم منح التصاريح لعدة مظاهرات وأيضا عدم منح تصاريح تظاهر في أماكن معينة مثل لابورص وغيرها” مضيفا “أن قضية فلسطين هي قضية إنسانية نبيلة وما يحدث من مجازر مروعة يحتاج منا أن نواصل الضغط وان لا نعتاد المشهد فالذي لا تتحملون مشاهدته هم يعيشونه هناك ويجب ان تتكاثف لنزيد الضغط ونواصل الدعم لنعزز صمودهم ولكي نكون في الجانب الصحيح وايضا لفلسطينيي اوروبا وبالأخص طالبين اللجوء حديثا لكي يتمكنون من النهوض ومسانده عائلاتهم” حسب قوله.لكن هل الاتحاد الأوروبي يمكن أن ينصت للتظاهرين لنصرة غزة ووقف الحرب، يعتقد  الأستاذ، ابراهيم العادل،  الكاتب و المحلل السياسي أن “التعامل الحالي من القيادة السياسية في البلدان الأوروبية شكل صدمة في الأوساط التي تراقب المشهد، خصوصا في ظل سياسات القمع والتهديد واستخدام عنف الشرطة المفرط”  حسب رأيه، متوجها بالنقد لبعض الحكومات الأوروبية التي “تزعم تبني حرية الرأي” خسب رأيه، مضيفا “في بعض البلدان ظلت حتى ما قبل السابع من أكتوبر تعلم العالم احترام الرأي العام وحرية التعبير” موضحا في السياق ذاته أن ” بلدانا عدة على رأسها ألمانيا وبريطانيا وفرنسا فاتورة هذه الممارسات من خلال الضرر الكبير في صورتها الخارجية ومصداقيتها أمام شعوب وقادة العالم وخصوصا من مكانتها في مستعمراتها السابقة، كما أن إدارة بايدن مازالت تسعى جاهدة لتوريط جميع حلفائها في هذا المسار المكلف” حسب رأيهوشدًد  المحل السياسي على أن “إسرائيل  تصرًعلى استمرار حربها في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان وربما سوريا وتنوي توسيعها لتشمل مناطق أخرى بحسب تصريحات نتنياهو والمشترك في الموقف الأوروبي والأمريكي -رغم الفروقات- هو استمرار التمويل والدعم العسكري رغم عدم تكافؤ القوى بين المتقاتلين وغضهم الطرف عن احتمالية الإصابة بشرارة هذه النار المشتعلة في الشرق الأوسط”.


إسبانيا.. تغرد خارج السرب؟
وأوضح  ابراهيم العادل بالقول في المقابل “شهدنا مواقف متقدمة تزعمتها إسبانيا، التي سارعت لوقف مرور الشحنات العسكرية المتجهة لإسرائيل ثم اعترفت بدولة فلسطين متمكنة من احتلال مكانة متقدمة في الدول التي ستحافظ-دون شك- على مكانتها بين كبار اللاعبين على طاولة حسابات اليوم التالي للحرب”.


الاتحاد الأوروبي  أبرز المانحين للفلسطينيين  
منذ عام 2000، يعتبر الاتحاد الأوروبي واحدًا من أبرز المانحين للفلسطينيين، حيث قدم أكثر من 1.1 مليار يورو كمساعدات إنسانية. وقد تم تعزيز هذا الدعم بشكل كبير منذ 7 أكتوبر 2023، مع تخصيص 940.8 مليون يورو إضافية، تركزت على مجالات حيوية تشمل الغذاء، الصحة، المياه والصرف الصحي، والمأوى. وبلغ إجمالي المساعدات من دول الاتحاد الأوروبي نحو 1.2 مليار يورو في الفترة من 2023 إلى 2024.وعلى الصعيد الشعبي، يُظهر المتظاهرون الذين يتظاهرون يوميًا في شوارع أوروبا منذ أكتوبر الماضي دعمًا متزايدًا للقضية الفلسطينية، مما يعكس أهمية التضامن في مواجهة التحديات الإنسانية. ولكن، يبقى الأمل معلقًا على إمكانية تحويل هذه الجهود إلى تأثير ملموس على السياسات الأوروبية، مما يعزز الحوار ويدعو إلى حلول سلمية. إن تحقيق هذه الأهداف من شأنه أن يُسهم في تحسين الأوضاع الإنسانية في غزة ويحمي المدنيين من الكوارث، ضامنًا لهم حقهم في حياة كريمة.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا